14 مايو 2021

مخطط مدن الألفية


لتحديد زاوية مدينة الألفية بالنسبة للشروق والغروب بحيث تتساوى حصة الشمس للشقق الشرقية والشقق الغربية بعدالة طوباوية، نستخدم البوصلة التى تحدد الشمال الجغرافى، فهى تحتوى أيضاً على الشرق والغرب، ويجب توضيح إن المجال المغناطيسى للأرض يؤثر على دقة تعيين الشمال، لذلك يجب إستخدام بوصلة خاصة لتحقيق هذا الأمر، وهذه البوصلة متوفرة أيضاً. إنه لأمر عظيم أن تكون مدن الألفية دقيقة فى زاويتها، لأن هذا ينعكس على كل أداء المدينة، بما فى ذلك السكان.

المدينة المثالية هى التى تحقق لسكانها أعلى درجة من الرفاهية بأقل تكلفة، ودعونا نضع عدة أهداف لهذه المدينة.

- أن توفر الغذاء الصحى المطبوخ بأعلى درجة من الإحترافية، وتوزعه بنظام ميكانيكى بسيط بحيث تجد الأسرة غذائها عندما تفتح درجاً داخل الشقة، وهذه العملية تتضمن أيضاً ترك صينية الطعام بعد تناول الطعام، لأن نفس الآلية تسمح بـأخذ صينية الطعام وغسلها بدون إرهاق السكان بهذه التفاصيل المملة.

- أن توفر نظاماً مشابهاً لغسل الملابس وكيها وإعادة وضعها فى درج يستطيع السكان فتحه من داخل الشقة..

- ان يتوفر لكل أفراد الأسرة مساحات مكانية لممارسة الهوايات، مثل الرياضة والفن، لا كمشاهدين ولكن كمشاركين عندما يتوفر لأحد السكان المهارات العالية فى رياضة ما مثل كرة القدم أو فناً ما مثل العزف على آلة موسيقية، فكل الرياضات متوفرة بما فى ذلك الرياضات النادرة مثل سباقات الخيول، وكل الفنون متوفرة بما فى ذلك إنتاج الأفلام السينمائية ورقص البالية الكلاسيكى.

- أن توفر المدينة الدرجة القصوى فى الرعاية الصحية.

- أن توفر المدينة الحد الأقصى من الأجواء الإيمانية

- ان توفر المدينة الحد الأقصى من جودة التعليم لكل المراحل، قبل المدرسى والمدرسى والجامعى وبعد الجامعى

- أن توفر المدينة الهدوء التام للأسرة فى كل الأوقات

- أن توفر المدينة أعلى درجة من الأمن والطمأنينة لكل السكان فى أى وقت وكل وقت.

- أن يجد الموظفون والمهنيون وأصحاب الأعمال أماكن عملهم فى المدينة، ويذهبون إليها مشياً على الأقدام بدون إرهاق.

- أن يجد السكان كل ما يحتاجون إليه بالقرب منهم بحيث يذهبون سيراً على الأقدام لأماكن التسوق لشراء أى سلعة، وأن يذهبوا إلى أماكن الترفية مشياً على الأقدام.... إلخ.

هذا ما نستطيع الحصول عليه ببساطة وبأقل تكلفة فيما يمكن تسميته مدن الألفية، فالبشرية إختبرت طوال تاريخها الحضارى متعة السكن فى مدينة، وآن الأوان لتجميع كل هذه الخبرات فى بناء هذه المدن.

إقترن فن العمارة بالحضارات الإنسانية فى كل القارات وكل العصور، هذا الفن المعمارى متشابه فى جميع النماذج لأن الإختلاف يقتصر على الموتيفات فقط، فالأعمدة فى كل الحضارات متشابهة، بينما تيجان الأعمدة هى المتغيرة.

وتميل الأبنية جميعها إلى الخطوط المستقيمة، ولعل هذا هو الفارق الأساسى بين فن العمارة وباقى الفنون، فالنحت والتصوير والدراما لا يكون لهم معنى بدون الإلتواءات لخلق توتر يسمح بإقامة علاقة بين أجزاء العمل الفنى.

وتعتمد مدن الألفية على نفس الخطوط المستقيمة فى معمارها، لأن هذه الخطوط تمنح السكان صفاتها، فهى تعبر عن الإستقامة والسمو وتدفع السكان لا شعورياً أن ينظروا إلى أعلى.

وتميل معظم الحضارات أيضاً إلى تخطيط المدن بشوارع تتلاقى فى مركز المدينة، وهو المكان الذى يسميه الإغريق أجورا، لكن هذا الشكل البؤرى للمدينة يحرمها من التوزيع العادل لأشعة الشمس على كل الأبنية، فدائماً ستجد الأبنية فى المدن التقليدية الحديثة أو التاريخية إما محرومة من الشمس أو تكتوى بها لأنها تتسلط عليها ساعات طويلة جداً فى الصيف.

هذا الأمر يجب مراعاته فى مدن الألفية، فهى لا يجب أن تكون بؤرية ولا يجب أن تكون البلوكات على شكل ترس يتلاقى فى بؤرة، ولا يجب أن تكون البلوكات قوسية. إن كل هذه الأشكال لا قيمة فنية أو جمالية لها، كما أنها تحطم مبدأ العدالة فى توزيع الشمس على كل الشقق بنسب متساوية تماماً، لأن الشمس تعنى الدفئ فى فصل الشتاء، كما تعنى التبريد من خلال حوائظ الشمس فى فصل الصيف، بالإضافة إلى الضوء ومتابعه نموه وتلاشيه على مدار اليوم وفى الفصول المختلفة.

وطبقاً لهذا فلا خيار متاح إلا بناء بلوكات متوازية يتوسطها القسم الخدمى، كما تتوفر مسافة 83.3 متر بين كل بلوك والبلوك المقابل له. (كما فى الشكل التوضيحى التالى)

وتتكون المدينة من عشر بلوكات فى الشمال ومثلهم فى الجنوب، وجميعهم ينفتحون على القسم الخدمى  الذى يتوسط المدينة فى كل طابق، حيث يصبح الطابق الخدمى جزء من المركز المجمع الخدمى الذى تترابط طوابقه  جميعاً بمصعد يعتمد فى تشغيله على فارق الوزن.

تذكرت المستشفى الميدانى الذى بنته الصين فى عشرة أيام  فى مدينة ووهان فى بداية عام 2020 لعلاج مرضى كوفيد19، حيث يتكون المستشفى من مستطيل فى المنتصف تتفرع منه مبانى طولية من الشمال والجنوب حيث تتوفر مساحة فضاء كبيرة بين كل مبنى والآخر، فإذا تخيلنا أن هذا التصميم فى مضاعفته، يمكن أن يكون شكل مدينة تتكون من 16 طابقاً (خمسة عشر منهم سكنية، حيث الطابق الأول مخصص لتربية الماشية والدواجن)، ويسكن بها حوالى 300 ألف نسمة، فإنهم سيجدون كل شئ بجوارهم ولا يحتاجون إلى وسائل مواصلات للوصول إلى المستشفى والمدرسة والمكاتب الحكومية وقسم الشرطة والمحكمة والمقاهى والمسجد أوالكنيسة، إلخ.

وإذا عدنا إلى الرسم التوضيحى، سنلاحظ الخط الأوسط الذى يقسم المدينة إلى قسم شمالى وقسم جنوبى، وهو بطول 1100 متر، وعرض 100 متر، ونلاحظ إن المدينة تتكون من 20 بلوكاً سكنياً، كل بلوك بطول 500 متر، وعرض 30 متر، بينما المسافة بين كل بلوكين هى ساحة خضراء للألعاب الرياضية المختلفة، وهذه المسافة تساوى 83.3 متراً. ونلاحظ أيضاً الدائرة فى المنتصف تماماً، وهى منور على شكل دائرى لدار العبادة.(هذا ليس رسماً هندسياً، بل رسم توضيحى للوصف)

هذه المدينة يمكن أن تكون فائقة الجمال من الداخل والخارج، ومساحة الشقة السكنية تُحسب على أساس القسم السكنى وقسم الخدمات والإطلالة الساحرة على النجيلة الخضراء الزاهية.

قد تكون هذه المدن هى الأكثر إقتصادية والأكثر فخامة، فيمكن إعتبار كل مدينة بمثابة مدينة أوليمبية بسبب المساحات الفضاء المحصورة بين كل بلوكين، كما يمكن إعتبارها مدينة طبية بسبب حجم المستشفى التى تحتل 15 طابقاً، ويمكن إعتبارها مدينة دينية بسبب حجم دار العبادة الذى يحتل 15 طابقاً، فعلى سبيل  المثال- سيكون مسجد كل طابق مفتوحاً على الطوابق العليا والسفلى من خلال منور، فعندما يقول المصليون "آمين" سيكون الصوت هو صوت كل المصليين فى المدينة، حيث يأمهم شيخ واحد من طابق واحد بينما الشاشات المعلقة على جدران الطوابق الأخرى تصوره وهو يخطب أو يأم المصللين، ونفس الحال بالنسبة للكنيسة، إذا كانت المدينة مسيحية، وعلينا أن نتخيل دولة مسيحية حيث يعيش السكان أجواءاً إيمانية لا تتوفر فى أكبر الكاتدرائيات.

وتخيل إنك من البلكونة سوف تشاهد مباريات رياضة لكل الألعاب مثل كرة القدم وكرة السلة والكرة الطائرة وكل الألعاب الأوليمبية، فالمدينة بها 18 نادياً رياضياً، وهم عدد الساحات الفضاء بين كل بلوكين.

ورغم الرفاهية الفائقة للسكان، فإنها مدينة أكثر إقتصادية من أى مدينة أخرى، وهى متاحة لكل السكان سواء الأثرياء أو الطبقة المتوسطة أو الفقراء.

إستقر شكل المدينة فى عقلى منذ نحو عشرين عاماً، بنفس وصفى الحالى لها، وكان تفكيرى فيها أقدم من ذلك بعشرين سنة أخرى، حيث بدأت الفكرة بزراعة الصحراء وبناء بيوت للمزارعين، ثم تطورت الفكرة لتتخذ هذا الشكل النهائى، وإختبرت طول الأربعة عقود كل الأشكال الأخرى وكل البدائل، وكان هذا هو الشكل النهائى والبديل الأفضل.

كانت أفكارى تتطور طوال هذه السنين، وكنت أستفيد من التطور العلمى الذى أعاصره كل يوم فى وسائل الإعلام والكتب، فأرفع من مستوى خيالى ليناسب هذا التقدم، وأحاول توظيف التطور العلمى فى المدينة، فزراعة الطحالب الغذائية المائية فى المدينة، إنما هى ثمرة جهود شعوب فى الهند وأمريكا والدول الإسكندنافية، ومثلها مثل كل الأفكار التى أطرحها، فهى ثمرة جهد العلماء والمطورين فى كل أنحاء العالم، وخاصة تقنية إستخدام الليزر فى إسقاط الامطار.

كذلك كنت مشغولاً طوال هذه السنين بإيجاد الحلول للإستفادة من أعمال الحفر، والتى ينتج عنها أتربة وصخور أكثر مما تحتاجه عملية البناء، وإستقر فكرى على أن نرفع مستوى الملاعب والأرض المحيطة بالمدينة  متراً أو أكثر  للتخلص من أعمال الحفر بطريقة سهلة، لأنه لا معنى لأن نستخدم صخور الحجر الجيرى السطحية فى بناء مدرج يحيط بالمدينة ويتخذ أشكالاً شتى، ومن بينها المسرح الإغريقى ومدرجات أخرى لعمل مسارح غنائية وسينمات صيفية، فهذا سوف يحطم الوحدة المعمارية للمدينة، فالمطلوب أن تظهر المدينة وحدها فى علاقة تناغمية مع محيطها الخارجى.

إن أعمال الحفر ستبدأ بلودر يمسح الأرض  المخصصة لكل بلوك سكنى، ويحفر حتى ثلاثة أمتار، ثم يتم بناء الجزيرة التى تقسم حوض الأسماك نصفين متساويين، ثم تبدأ عملية حفر الطفلة للحصول عليها نقية، وهذه الطفلة هى التى يستخدمها مصنع الأسمنت، وعندما نصل إلى الحجر الجيرى، فإن أول طبقاته نستخدمه لرفع مستوى محيط المدينة، وآخر طبقة فيه ستكون مخصصة لصناعة الأسمنت.

وعندما يكتمل بناء المدينة وتتخذ شكلها النهائى، ستكون تكلفة أعمال الحفر قليلة..

ستصعد المدينة من الأرض المبنية عليها مثل حقل قمح، وسيكون إيقاع البناء ثابت ودقيق لأنه يعتمد على قوالب وليس على البناء العشوائى، وسوف يرتفع أول ما تبنيه المدينة إلى السطح، وهذا فى كل البلوكات العشرين عند إتصالها بالقسم الخدمى  وعندما نصل إلى السطح يبدأ تسكين الناس، بينما تتواصل عملية البناء ليتم الإنتهاء من الشقق التالية وتسكينها.

وعندما يكتمل بناء كل البلوكات، سنجد أن حوض الأسماك أسفل كل بلوك، يمتد مكشوفاً للسماء مسافة 8 أمتار، لكى يصطاد فيه الناس ويركبون قوارب التجديف منها ليتعمقوا داخل حوض الأسماك ويعودوا مرة أخرى من الجانب الآخر، وسوف يشاهدون الطيور العائمة تسبح أمامهم، ومن خلفهم  يشاهدون طريقاً عريضاً مزروع بالنجيلة الخضراء ومن بعده الزمام الزراعى للمدينة.

أى دولة فى العالم لها نظام سياسى وإقتصادى وإجتماعى، وهناك ثلاثة أشكال للدولة، هى الرأسمالية والإشتراكية والمزج بينهما فيما يُعرف برأسمالية الدولة، وتنطبق قوانين الدولة على مدن الألفية داخل حدودها، فالدولة الرأسمالية ستطلق يد الإستثمار الخاص فى بناء هذه المدن وتشغيلها للحصول على أكبر ربح، ورأسمالية الدولة ستفعل المثل وتحول الأرباح الكبيرة لصالح الدولة، والدولة الإشتراكية ستبنى هذه المدن من موازنتها العامة، ثم توفر الوحدات السكنية بنظام الإيجار وتمنح حق التوريث لمنتفع بنفس نظام الإيجار مع الأخذ فى الإعتبار عامل التضخم وهكذا إلى مالا نهاية بإعتبار أن مدن الألفية تعيش طويلاً مثل أهرامات الجيزة.

تتخذ مدن الألفية إسمائها من خط الطول وخط العرض، وكلاهما ينقسم إلى 180 درجة، فعندما تكون المدينة شمال خط الإستواء تضع علامة (+) قبل خط العرض، وعندما تكون جنوب خط الإستواء تضع علامة (-) ونفس الحال لخط الطول، فالمدن شرق جرينتش تضع علامة (+) وغربه تضع علامة (-).

هذه الطريقة فى التسمية تسمح بمعرفة مكان المدينة فوراً، سواء كانت فى الهند أو نيجيريا أو النرويج أو الأرجنتين... إلخ.

فإذا تخيلنا إن كل البشرية سكنت فى هذه المدن، وإذا كان عدد سكان العالم وقتئذ 9 مليار نسمة، فإن عدد المدن سيكون 30 ألف مدينة، علماً بأن عدد قرى مصر 20 ألفاً، بين قرية وعزبة ونجع وكوم وتابع.

وهذا يوضح آفاق التلاقى الحضارى بدلاً من صراع الحضارات، حيث يشعر الإنسان بأنه جزءاً  أساسى من البشرية وله دور فى تقدمها، فالبشرية تعرفه تماماً من إسم مدينته الرقمى وعنوانه الرقمى داخل المدينة، فالمدن كلها متشابهة وكل منها تتكون من 20 بلوكاً وكل بلوك يتخذ رقمه تلقائياً أيضاً، فالبلوك فى الشمال الشرقى يأخذ رقم (1) ويحمل البلوك التالى رقم (2) وهكذا حتى البلوك العاشر، ثم البلوكات العشرة الجنوبية، حيث يكون البلوك الأخير هو رقم (20) وموقعه فى الجنوب الشرقى، ثم يأتى رقم الطابق السكنى، وهو من رقم (1) حتى رقم (15)، وأخيراً رقم الشقة، وهم من رقم (1) حتى (250)، فكل طابق عبارة عن كوريدور توجد فيه أبواب الشقق، وتحمل شقق اليمين أرقاماً فردية متتالية، والجانب الأيسر يحمل أرقاماً زوجية متتالية، فالإنسان فى مدن الألفية معروف للبشرية كلها كما لو كانت البشرية كلها تعيش فى مدينته.

أى مدينة من مدن الألفية تحتل قطعة مربعة من الأرض طول ضلعها 1100 متراً، ويسكنها 300 ألف نسمة، وتتوسط زماماً زراعياً  على شكل مربع طول ضلعه 20 كم لتوفير الغذاء للسكان ، وقد يكون هذا الزمام صحراوياً فى بدء بناء المدينة، فتكون المدينة مشغولة فى كل يوم بالتفكير فى توفير الماء لزراعة كل هذا الزمام، سواء كان من الماء الجوفى أو الماء السطحى أو تحلية ماء البحر أو المطر الصناعى أو تكثيف الرطوبة الجوية، وجميعها تكون إقتصادية لتوفر المستهلكون الفوريون للمنتج الزراعى بدون المخاطرة بمضاربات السوق العالمى، هذا الزمام من الأرض يساوى نحو 93 ألف فدان، حيث تكون حصة الساكن الواحد كافية لتوفير كل إحتياجاته من الحبوب والبقول والخضراوات والفواكة والزيوت النباتية والأعلاف والزراعات الأخرى مثل القطن والنباتات الطبية والنباتات الزهرية، وتحقيق فائض أيضاً.

فى داخل كل بلوك، يوجد كوريدور عرضه 4 أمتار وطوله يمتد 500 متراً ينتهى بشرفة تطل على الفضاء الخارجى للمدينة وتكشف عن الحقول، وعلى جانبى الكوريدور تصطف أبواب الشقق السكنية، وكل شقة سكنية تطل على ملاعب.

هذا هو المخطط العام لمدينة تحتوى على 75 ألف شقة، ويسكن بها 300 ألف شخص، بواقع شقة لكل أربعة أفراد.

التكلفة الإجمالية للمدينة لا تتعدى 50% من تكلفة أى مدينة تقليدية، وهى توفر الحد الأقصى من الرفاهية لكل السكان.وتوجد فى المدينة مزرعة سمكية أسفل كل بلوك تحتوى على نوع واحد من الأسماك، بحيث يتوفر للمدينة عشرين نوعاً من الأسماك، كما يوجد فى الطابق الأول  لكل بلوك مزرعة لتربية نوع من الماشية، فيتوفر 20 نوع من الماشية وعشرين نوع من الطيور الداجنة، ومن المخطط أن تكتفى المدينة ذاتياً فى إنتاج اللحوم الحمراء والطيور والبيض والألبان والأسماك بنسبة 150% من إحتياجات السكان.

حوائط الشمس

المهندس المعمارى العظيم حسن فتحى، إستخدم القباب بنفس طريقة القباب القوطية فى معمار الكاتدرائيات ومعمار الجوامع فى عصر الإزدهار الإسلامى، لكنه وظفها لنظريته عن معمار الفقراء، فنماذجه من البيوت والمبانى كانت تعتمد على ما يتوفر فى البيئة من مواد خام تصلح لتحويلها إلى مواد بناء.

تعتمد نظرية القبة فى أعلى البناية على الشمس التى ترفع درجة حرارة سطح المبنى فيتمدد الهواء فى السقف، فيتخذ طريقه إلى أقرب فتحة فى القبة ليخرج منها، وينتج عن ذلك خلخلة فى الهواء فتتسارع دفعات أخرى من الهواء الموجود فى البناية لتحل محلها، ويمتد التأثير ليشمل كل البناية التى يتسارع فيها الهواء فيبدد الإحترار أولاً بأول، فلا عجب أن يشعر المؤمنون بالهواء المكيف فى الجامع والكاتدرائية وفى بيوت حسن فتحى.

هذه النظرية يمكن تحقيقها بدون قباب على الإطلاق، لأن بناء الحوائط الخارجية لمبنى باالطوب الأسمنتى المفرغ من الداخل مع الإحتفاظ بهذا الفراغ فى طول الحائط فى مبنى متعدد الطوابق، ودعونا نتخيل لو أننا وضعنا ماسورة من سطح المبنى فى أحد هذه الفراغات، فعليها أن تسقط منه إلى سطح الأرض بدون إعاقة، فعندما تتعامد الشمس جانبياً بزاوية مناسبة تسمح بتسخين الجدار، فإن الهواء سيتمدد بداخله ويتصاعد لأعلى

فيعمل هذا التيار الهوائى المتجدد والسريع على التبريد الفورى لهذه الحوائط فلا تُصدر الإحترار لداخل الشقة أو المبنى.

مدن الألفية تقاوم الزلازل

شاهدت منذ سنوات فيلماً تسجيلياً عن مبنى الإمبير ستات الشهير فى نيويورك، وأتذكر أن المهندس الذى صمم المبنى علق فى السطح كتلة خرسانية تزن مئات الأطنان بواسطة جنزير بحيث يمكن تشبيها بميدالية نمسكها بإصبعنا ونحركها، وكانت الكاميرا تصور هذه الكتلة الخرسانية وهى تتحرك يميناً ويساراً طوال الوقت، ثم شرح وظيفتها، فنظراً لطول المبنى فإن الرياح عندما تصطدم به فإنها من المفروض ان تحركه يميناً ويساراً، وللحفاظ عليه ثابتاً، وضع هذه الكتلة الخرسانية بهذه الطريقة لتتحرك بدلاً منه، فهناك دائماً فعل إرتدادى للكتلة الخرسانية يتحرك عكس إتجاه الحركة، فلا تهتز ناطحة السحاب بسبب الرياح.

عندما نشرع فى بناء عمارة تتكون من 16 طابقاً، فإننا نستخدم الحفارات واللوادر فى إنشاء حفرة بمساحة العمارة وبعمق 10 أمتار على الأقل، حتى نتمكن من وضع أعمدة الأساس الخرسانية عند هذا العمق، لأن التربة فى هذا العمق تكون متماسكة وقوية فلا تهبط العمارة عند إكتمال البناء، ثم نعمل بعد ذلك على إعادة ردم الأرض بنفس الأتربة، وهذا يفوت فرصة مثالية لمكافحة الزلازل، لإنه يجب علينا أن نترك هذه الحفرة كما هى، وأن نملأها بالماء االنظيف الذى نستخدمه فى الإستحمام وغسيل الوجه، أما الماء الذى يحتوى على المخلفات الآدمية من بول وبراز، فيجب أن يكون له ماسورة صرف صحى مستقلة تنتهى إلى حاضنات بكتريا التحلل.

عندما يحث زلزال، فإن الماء ولأن كثافته أقل 100 مرة من كثافة التربة، فهو يتحرك أسرع بسبب الزلزال ثم يصطدم بجدار حوض الأسماك فيعود عكس إتجاه حركة الزلزال، فالماء هو الذى يتحرك وتبقى العمارة ثابتة.

وفى نفس الوقت فإن هذا الحوض المائى يسمح بتربية الأسماك بنفس طريقة التربية فى الأحواض عالية التكنولوجيا حيث يُنتج المتر المكعب الواحد 50 كجم من الأسماك سنويا، فهذا الحوض تتوفر له كل الشروط المثالية للإنتاج المكثف للأسماك، فعندما يتصرف الماء النظيف إليه من خلال ماسورة تنتهى عند قاع الحوض، فإن هذه الماسورة لا تصرف الماء فقط بل الأكسجين الموجود فى المواسير، وهذا أهم عنصر فى التربية المكثفة للأسماك، بالإضافة إلى درجة حرارة الماء،ويمكن التحكم فى الإضاءة الصناعية ليلاً لإنارة حوض الأسماك، كما يتم تنظيف حوض الأسماك، فدلئماً تأتى مياه جديدة إلى حوض الأسماك، فيرتفع منسوب الماء، فتعمل المضخات على سحب الزيادة وتصريفها فى قنوات تمتد إلى الزمام الزراعى للمدينة، وهذه العملية تضمن التنظيف لحوض الأسماك طوال الوقت.

( سأستكمل تصوراتى عن مدن الألفية لاحقاً، من خلال مقالات وسوف أنشرها هنا فى هذه المدونة، فأرجو معاودة الزيارة)